فصل: (الأخبار):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: إظهار الحق (نسخة منقحة)



.(الأخبار):

وأول الإخبارات المحمدية التي أنقلها في هذا المسلك يكون محمولًا على عجزه وتعصبه، لأنك قد علمت في الأمر الثاني والخامس أن المعاند له مجال واسع للتأويل في أمثال هذه الإخبارات، وإنما اكتفيت على نبذ مما نقله مؤلفو العهد الجديد، لأنه إذا ظهر أن البعض منها غلط يقينًا، والبعض منها محرف، والبعض منها لا يصدق على عيسى عليه السلام إلا بالادعاء البحت والتحكم الصرف، ظهر أن حال الإخبارات الأخر التي نقلها المسيحيون الذين ليسوا ذوي إلهام ووحي، يكون أسوأ، فلا حاجة إلى نقلها.

.(الخبر الأول):

ما هو المنقول في الباب الأول من إنجيل متى، وقد عرفت في بيان الغلط الخمسين في الفصل الثالث من الباب الأول أنه غلط، على أن كون مريم عذراء وقت الحبل غير مسلم عند اليهود والمنكرين، ولا يتم عليهم حجة، لأنها قبل ولادة عيسى عليه السلام، كانت في نكاح يوسف النجار على تصريح الإنجيل واليهود المعاصرون لعيسى عليه السلام، ويقولون أنه ولد يوسف النجار كما هو مصرح به في الآية 55 من الباب 13 من إنجيل متى والآية 45 من الباب 1 والآية 42 من الباب السادس من إنجيل يوحنا، وإلى الآن يقولون هكذا بل أشنع منه، والعلامة الأخرى المختصة بعيسى عليه السلام غير مذكورة في هذا الخبر.

.(الخبر الثاني):

ما هو المنقول في الآية السادسة من الباب الثاني من إنجيل متى، وهو إشارة إلى الآية الثانية من الباب الخامس من كتاب ميخا، ولا تطابق عبارة متى عبارة ميخا، وأحدهما محرفة، وقد عرفت في الشاهد الثالث والعشرين من المقصد الأول من الباب الثاني، أن محققيهم اختاروا تحريف عبارة ميخا، لكن ادعاؤهم هذا لأجل محافظة الإنجيل فقط، وعند المخالف باطل.

.(الخبر الثالث):

ما هو المنقول في الآية الخامسة عشر، من الباب المذكور من إنجيل متى.

.(الخبر الرابع):

ما هو منقول في الآية 17 و18 من الباب المذكور.

.(الخبر الخامس):

ما هو المنقول في الآية الثالثة والعشرين من الباب المذكور. وهذه الأخبار الثلاثة غلط كما عرفت في الفصل الثالث من الباب الأول.

.(الخبر السادس):

الآية التاسعة من الباب السابع والعشرين من إنجيل متى، وقد عرفت في الشاهد التاسع والعشرين من المقصد الثاني من الباب الثاني أنه غلط، على أن هذا الحال يوجد في الباب الحادي عشر من كتاب زكريا، ولا مناسبة له بالقصة التي نقلها متى، لأن زكريا عليه السلام بعد ما ذكر اسمي عصوين ورعى قطيع يقول هكذا ترجمة عربية سنة 1844: 12 (وقلت لهم إن حسن في أعينكم فهاتوا أجري وإلا فكفوا فوزنوا أجري ثلاثين من الفضة) 13 (وقال لي الرب ألقها إلى صناع التماثيل ثمنًا كريمًا أثموني به فأخذت الثلاثين من الفضة وألقيتها في بيت الرب إلى صناع التماثيل). فظاهر كلام زكريا أنه بيان حال، لا إخبار عن الحادثة الآتية، وأن يكون آخذ الدراهم من الصالحين مثل زكريا عليه السلام لا من الكافرين مثل يهودا.

.(الخبر السابع):

ما نقله مقدسهم بولس في الآية السادسة من الباب الأول من الرسالة العبرانية، وقد عرفت حاله في الفصل الثالث أنه غلط لا يصدق على عيسى عليه السلام.

.(الخبر الثامن):

الآية الخامسة والثلاثون من الباب الثالث عشر من إنجيل متى هكذا: (لكي يتم ما قيل بالنبي القائل سأفتح بأمثال فمي وأنطق بمكتوبات منذ تأسيس العالم) وهو إشارة إلى الآية الثانية من الزبور الثامن والسبعين، لكنه ادعاء محض وتحكم بحت، لأن عبارة هذا الزبور هكذا: 2 (أفتح بالأمثال فمي وأنطق بالذي كان قديمًا) 3 (كل ما سمعناه وعرفناه وآباؤنا أخبرونا) 4 (ولم يخفوه عن أولادهم إلى الجيل الآخر إذ يخبرون بتسابيح الرب وقواته وعجائبه التي صنع) 5 (إذ أقام الشهادة في يعقوب، ووضع الناموس في إسرائيل كل الذي أوصى آباؤنا ليعرفوا به أبناءهم) 6 (لكيما يعلم الجيل الآخر بينهم المولدين) 7 (فيقومون أيضًا ويخبرون به أبناؤهم) 8 (لكي يجعلوا اتكالهم على اللّه ولا ينسوا أعمال اللّه ويلتمسوا وصايا) 9 (لئلا يكونوا مثل آبائهم الجيل الأعرج المتمرد الذي لم يستقم قلبه ولا آمنت باللّه روحه). وهذه الآيات صريحة في أن داود عليه السلام يريد نفسه، ولذا عبر عن نفسه بصيغة المتكلم، ويروي الحالات التي سمعها من الآباء ليبلغ إلى الأبناء على حسب عهد اللّه لتبقى الرواية محفوظة، وبين من الآية العاشرة إلى الخامسة والستين، حال إنعامات اللّه والمعجزات الموسوية، وشرارة بني إسرائيل وما لحقهم بسببها. ثم قال: 65 (واستيقظ الرب كالنائم مثل الجبار المفيق من الخمر) 66 (فضرب أعداءه في الوراء وجعلهم عارًا إلى الدهر) 67 (وأبعد محله يوسف ولم يختر سبط إفرام) 68 (بل اختار سبط يهوذا لجيل صهيون الذي أحب) 69 (وبنى مثل وحيد القرن قدسه وأسسه في الأرض إلى الأبد) 70 (واختار داود عبده وأخذه من مراعي الغنم) 71 (ومن خلف المرضعات، أخذه ليرعى يعقوب عبده وإسرائيل ميراثه) 72 (فرعاهم بدعة قلبه وبفهم يديه أهداهم).
وهذه الآيات الأخيرة أيضًا دالة صراحة في أن هذا الزبور في حق داود عليه السلام فلا علاقة لهذا بعيسى عليه السلام.

.(الخبر التاسع):

في الباب الرابع من إنجيل متى هكذا: 14 (لكي يتم ما قيل بأشعيا النبي القائل) 15 (أرض زبولون وأرض نفتاليم طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم) 16 (الشعب الجالس في ظلمة، أبصر نورًا عظيمًا والجالسون في كورة الموت وظلاله، أشرق عليهم نور) وهو إشارة إلى الآية الأولى والثانية من الباب التاسع من كتاب أشعيا وعبارته هكذا: (في الزمان استخفت أرض زبلون وأرض نفتالي وفي الآخر تثقلت طريق البحر عبر الأردن جليل الأمم) 2 (الشعب السالك في الظلمة رأى نورًا عظيمًا، الساكنون في بلاد ظلال الموت أشرق عليهم نور). وفرق ما بين العبارتين فإحداهما محرفة ومع قطع النظر عن هذا، لا دلالة لكلام أشعيا على ظهور شخص، بل الظاهر أن أشعيا عليه السلام يخبر أن حال سكان أرض زبلون ونفتالي كان سقيمًا في سالف الزمان ثم صار حسنًا كما تدل عليه صيغ الماضي، أعني استخفت وتثقلت ورأى وأشرق وإن عدلنا عن الظاهر وحملنا على المجاز بمعنى المستقبل وقلنا أن رؤية النور وإشراقه عليهم، عبارة عن مرور الصلحاء بأرضهم، فادعاء أن مصداق هذا الخبر عيسى عليه السلام فقط تحكم صرف، لأن كثيرًا من الأولياء والصلحاء مر بتلك الأرض، سيما أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم وأولياء أمته أيضًا الذين زالت ظلمة الكفر والتثليث من هذه الديار بسببهم، وظهر نور التوحيد وتصديق المسيح كما ينبغي.
وأكتفي خوفًا من التطويل على هذا القدر ونقلت الأخبار الأخر أيضًا في إزالة الأوهام وغيره من مؤلفاتي وبينت وجوه ضعفها.
(الأمر السابع) أن أهل الكتاب سلفًا وخلفًا عادتهم جارية بأنهم يترجمون غالبًا الأسماء في تراجمهم ويوردون بدلها معانيها، وهذا خبط عظيم ومنشأ للفساد وأنهم يزيدون تارة شيئًا بطريق التفسير في الكلام الذي هو كلام اللّه في زعمهم، ولا يشيرون إلى الامتياز. وهذان الأمران بمنزلة الأمور العادية عندهم، ومن تأمل في تراجمهم المتداولة بألسنة مختلفة وجد شواهد تلك الأمور كثيرة وأنا أورد أيضًا بطريق الأنموذج بعضًا منها:
1- في الآية الرابعة عشر من الباب السادس عشر من سفر التكوين في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1625 وسنة 1831 وسنة 1844 هكذا: (لذلك دعت اسم تلك البيرني بير الحي الناظر)، فترجموا اسم البئر الذي كان في العبراني بالعربي.
2- وفي الآية الرابعة عشر من الباب الثاني والعشرين من سفر التكوين في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811 هكذا: (سمى إبراهيم اسم الموضع مكان يرحم اللّه زائره) وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844: (دعا اسم ذلك الرب يرى) فترجم المترجم الأول الاسم العبراني بمكان يرحم اللّه زائره والمترجم الثاني بالرب يرى.
3- وفي الآية العشرين من الباب الحادي والثلاثين من سفر التكوين في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1625 وسنة 1844 هكذا: (فكتم يعقوب أمره عن حميه) وفي ترجمة أردو المطبوعة سنة 1825 لفظ لابان موضع حميه فوضع مترجمو العربية لفظ الحمى موضع الاسم.
4- وفي الآية العاشرة من الباب التاسع والأربعين من سفر التكوين في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1625 وسنة 1844: (فلا يزول القضيب من يهودا والمدير من فخذه حتى يجيء الذي له الكل وإياه تنتظر الأمم). فقوله (الذي له الكل) ترجمة لفظ شيلوه وهذه الترجمة موافقة الترجمة اليونانية.
وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811: (فلا يزول القضيب من يهودا والرسم من تحت أمره إلى أن يجيء الذي هو له وإليه يجتمع الشعوب). وهذا المترجم ترجم لفظ شيلوه (بالذي هو له) وهذه الترجمة موافقة للترجمة السريانية وترجم هذا اللفظ محققهم المشهور ليكلرك بعاقبته، وفي ترجمة أردو المطبوعة سنة 1825 وقع لفظ شيلا، وفي الترجمة اللاتينية ولتكيت (الذي سيرسل). فالمترجمون ترجموا لفظ شيلوه بما ظهر وترجح عندهم وهذا اللفظ كان بمنزلة الاسم للشخص المبشر به.
5- وفي الآية الرابعة عشر من الباب الثالث من سفر الخروج في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1625 وسنة 1844 فقال اللّه لموسى (أهيه أشراهيه) وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811: (قال له الأزلي الذي لا يزال). فلفظ أهيه أشراهيه كان بمنزلة اسم الذات فترجمه المترجم الثاني بالأزلي الذي لا يزال.
6- وفي الآية الحادية عشر من الباب الثامن من سفر الخروج في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1625 وسنة 1844 هكذا: (تبقى في النهر فقط).
وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811 هكذا: (تبقى في النيل فقط).
7- وفي الآية الخامسة عشر من الباب السابع من سفر الخروج في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1625 وسنة 1844 هكذا: (فابتنى موسى مذبحًا ودعا اسمه الرب عظمتي). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811: (وبنى مذبحًا وسماه اللّه علمي). وترجمة أردو موافقة لهذه الأخيرة، فأقول مع قطع النظر عن الاختلاف أن المترجمين ترجموا الاسم العبراني.
8- وفي الآية الثالثة والعشرين من الباب الثلاثين من سفر الخروج في الترجمتين المذكورتين هكذا: (من ميعة فائقة). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811: (من المسك الخالص، وبين الميعة والمسك فرق ما، ففسروا الاسم العبراني بما ترجح عندهم).
9- وفي الآية الخامسة من الباب الرابع والثلاثين من سفر الاستثناء في الترجمتين المذكورتين هكذا: (فمات هناك موسى عبد الرب).
وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811 هكذا: (فمات هناك موسى رسول اللّه). فهؤلاء المترجمون لو بدلوا في البشارات المحمدية، لفظ رسول اللّه بلفظ آخر فلا استبعاد منهم.
10- وفي الآية الثالثة عشر من الباب العاشر من كتاب يوشع، في الترجمة المطبوعة سنة 1844 هكذا: (أليس هذا مكتوبًا في سفر الأبرار). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811: (أليس هو مكتوبًا في سفر المستقيم). وفي الترجمة الفارسية المطبوعة سنة 1838 لفظ (يا صار) موضع الأبرار أو المستقيم. وفي الترجمة الفارسية المطبوعة سنة 1845 لفظ (ياشر). وفي ترجمة أردو المطبوعة سنة 1835 لفظ (يا شا لعل يا صار) أو (يا شر أو يا شا) اسم مصنف الكتاب، فترجم مترجمو العربية، هذا الاسم على آرائهم بالأبرار أو المستقيم.
11- وفي الباب الثامن من كتاب أشعيا، في الترجمة الفارسية المطبوعة سنة 1839 هكذا: 1 (وخدا وندمر افرمودكه لوحي بزرك بكيرواز قلم كند كاردر باب مهر شالال جاشنر بنويس) 3 (أورامهر شالال جشنر نام ينه). وترجمة أردو المطبوعة سنة 1825 توافقها.
وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844 هكذا: 1 (وقال لي الرب خذ لك مدرجًا عظيمًا واكتب فيه بكتابة إنسان انتهب مستعجلًا أسلب سريعًا) 3 (ادع اسمه أغنم بسرعة وانهب عاجلًا). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811 هكذا: (وقال لي الرب: خذ لك مدرجًا صحيحًا صحيفة جديدة كبيرة، واكتب فيها بكتابة إنسان حاد ليضع نهب الغنائم لأنه حضر) 3 (ادع اسمه أغنم بسرعة وانهبوا نجده). فكان اسم الابن مهر شالال جاشنر، فترجم مترجمو العربية هذا الاسم على آرائهم، وخالفوا فيما بينهم. ومع قطع النظر عن المخالفة، زاد مترجم العربية المطبوعة سنة 1811 ألفاظًا من قبل نفسه، فأمثال هؤلاء لو بدلوا في البشارات المحمدية أسماء من أسماء النبي صلى اللّه عليه وسلم أو زادوا شيئًا، فلا استبعاد منهم، لأن هذا الأمر يصدر عنهم بحسب عادتهم.
12- وفي الآية الرابعة عشر من الباب الحادي عشر من إنجيل متى، في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811 وسنة 1844 هكذا: (فإن أردتم أن تقبلوه فهو إيلياء المزمع أن يأتي)، وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1816: (فإن أردتم أن تقبلوه فهذا هو المزمع بالإتيان). فالمترجم الأخير بدل لفظ إيلياء بهذا، فأمثال هؤلاء لو بدلوا اسمًا من أسماءالنبي صلى اللّه عليه وسلم في البشارة، فلا عجب.
13- وفي الآية الأولى من الباب الرابع من إنجيل يوحنا في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811، وسنة 1831، وسنة 1844 هكذا: (لما علم يسوع). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1816، وسنة 1860: (لما علم الرب). فبدل المترجمان الأخيران لفظ يسوع، الذي كان علم عيسى عليه السلام بالرب الذي هو من الألفاظ التعظيمية، فلو بدلوا اسمًا من أسماء النبي صلى اللّه عليه وسلم بالألفاظ التحقيرية لأجل عادتهم وعنادهم، فلا عجب.
وهذه الشواهد تدل على ترجمة الأسماء، وإيراد لفظ آخر بدلها:
(1) في الباب السابع والعشرين من إنجيل متى هكذا: (ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلًا: إيلي إيلي، لما شبقتني، أي إلهي إلهي لماذا تركتني). وفي الباب الخامس عشر من إنجيل مرقس هكذا: (وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلًا: الوى الوى لما شبقتني، الذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني). فلفظ أي إلهي إلهي لماذا تركتني في إنجيل متى، وكذا لفظ الذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني في إنجيل مرقس، ليسا من كلام الشخص المصلوب يقينًا، بل ألحقا بكلامه.
(2) في الآية السابعة عشر من الباب الثالث من إنجيل مرقس هكذا: (لقبهما ببوان رجس أي ابني الرعد). فلفظ أي ابني الرعد ليس من كلام عيسى عليه السلام بل هو إلحاقي.
(3) في الآية الحادية والأربعين من الباب الخامس من إنجيل مرقس هكذا: (وقال لها طليثا قومي الذي تفسيره يا صبية لك أقول قومي). فهذا التفسير إلحاقي ليس من كلام عيسى عليه السلام.
(4) في الآية الرابعة والثلاثين من الباب السابع من إنجيل مرقس في الترجمة المطبوعة سنة 1816: (ونظر إلى السماء وتأوه وقال افثا يعني انفتح)، وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811: (ونظر إلى السماء وتنهد وقال افاثا الذي هو انفتح). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844 هكذا: (ونظر إلى السماء وتنهد وقال له انفتح الذي هو انفتح).
وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1860 هكذا: (ورفع نظره نحو السماء وأنّ وقال له افثا أي انفتح).
ومن هذه العبارة، وإن لم يعلم صحة اللفظ العبراني أهو افثا أو افاثا، لأجل اختلاف التراجم التي منشأ اختلافها عدم صحة ألفاظ أصولها، لكنه يعلم يقينًا أن لفظ أي انفتح أو الذي هو انفتح، إلحاقي ليس من كلام عيسى عليه السلام. وهذه الأقوال المسيحية الأربعة التي نقلتها من الشاهد الأول إلى ههنا، تدل على أن المسيح عليه السلام كان يتكلم باللسان العبراني الذي كان لسان قومه، وما كان يتكلم باليوناني وهو قريب القياس أيضًا، لأنه كان عبرانيًا ابن عبرانية، نشأ في قومه العبرانيين. فنقل أقواله في هذه الأناجيل في اليوناني نقل بالمعنى، وهذا أمر آخر زائد على كون أقواله مروية برواية الآحاد.
(5) في الآية الثامنة والثلاثين من الباب الأول، من إنجيل يوحنا هكذا: (فقالا له ربي الذي تفسيره يا معلم). فقوله الذي تفسيره يا معلم إلحاقي، ليس من كلامهما.
(6) في الآية الحادية والأربعين من الباب المذكور في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811 وسنة 1844: (قد وجدنا مسيا الذي تأويله المسيح). وفي الترجمة الفارسية المطبوعة سنة 1816: (ما مسيح راكه ترجمة آن كرسطوس ميبا شديا فتيم). وترجمة أردو المطبوعة سنة 1814 توافق الفارسية، فيعلم من الترجمتين العربيتين أن اللفظ الذي قاله أندراوس هو مسيا وأن المسيح ترجمته، ومن الترجمة الفارسية وأردو أن اللفظ الأصل هو المسيح وكرسطوس ترجمته، ويعلم من ترجمة أردو المطبوعة سنة 1839 أن اللفظ الأصل خرسته وأن المسيح ترجمته، فلا يعلم من كلامهم أن اللفظ الأصل أي لفظ كان أمسيا أو المسيح أو خرسته، وهذه الألفاظ وإن كان معناها واحدًا لكن لا شك أن الذي قاله أندراوس هو واحد من هذه الثلاثة يقينًا، وإذا ذكر اللفظ والتفسير فلا بد من ذكر اللفظ الأصل أولًا ثم من ذكر تفسيره. لكني أقطع النظر عن هذا وأقول أن التفسير المشكوك أيًا ما كان إلحاقيًا ليس من كلام أندراوس.
(7) في الآية الثانية والأربعين من الباب الأول من إنجيل يوحنا، قول عيسى عليه السلام في حق بطرس الحواري في الترجمة العربية سنة 1811 هكذا: (أنت تدعى ببطرس الذي تأويله الصخرة). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1816: (ستسمى أنت بالصفا المفسر ببطرس). وفي الترجمة الفارسية المطبوعة سنة 1816: (ترابكيفاس كه ترجمة آن سنك است ندا خواهند كرد) أمطر اللّه حجارة على تحقيقهم وتصحيحهم لا يتميز من كلامهم المفسر عن المفسر، لكني أقطع النظر عن هذا وأقول أن التفسير ليس من كلام المسيح عليه السلام بل هو إلحاقي، وإذا كان حال تراجمهم وحال تحقيقهم في لقب إلههم ولقب خليفته كما علمت فكيف نرجو منهم صحة بقاء لفظ محمد أو أحمد أو لقب من ألقابه صلى اللّه عليه وسلم.
(8) في الآية الثانية من الباب الخامس من إنجيل يوحنا في حق البركة في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844: (تسمى بالعبرانية بيت صيدا). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1860: (يقال لها بالعبرانية بيت حسدا). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811: (تسمى بالعبرانية بيت حصدا أي بيت الرحمة). فالاختلاف بين صيدا وحسدا وحصدا وإن كان ثمرة من ثمرات تصحيحهم الكتب السماوية، لكني أقطع النظر عنه وأقول المترجم الأخير زاد التفسير من جانب نفسه في الكلام الذي هو كلام اللّه في زعمه، فلو زادوا شيئًا بطريق التفسير من جانب أنفسهم في البشارات المحمدية فلا بعد منهم.
(9) في الآية السادسة والثلاثين من الباب التاسع من كتاب الأعمال هكذا: (وكان في يافا تلميذة اسمها طابيثا الذي ترجمته غزالة).
(10) في الآية الثامنة من الباب الثالث عشر من كتاب الأعمال، في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844: (فناصبهما اليماس الساحر لأن هكذا يترجم اسمه). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1860: (فقاومهما عليم الساحر لأن هكذا يترجم). وفي بعض تراجم أردو لفظ الماس، وفي بعضها الماء، فمع قطع النظر عن الاختلاف في أن اسمه اليماس أو عليم أو الماس أو الماء، أقول أن ترجمة اسمه إلحاقية.
(11) في آخر رسالة بولس الأولى إلى أهل قورنثيوس، في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1816: (ألا ومن لا يحب المسيح فليكن ملعونًا مارن أتى). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1844 هكذا: (ومن لا يحب ربنا يسوع المسيح فليكن محرومًا ماران أتى). وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1860: (إن كان أحد لا يحب الرب يسوع المسيح فليكن أنا ثيما ماران أثا).
وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811: (من لا يحب الرب يسوع المسيح فليكن مفروزًا مارن أتى أي الرب قد جاء). فمع قطع النظر عن صحة اللفظ الأصل، أقول أن المترجم الأخير قد زاد من جانب نفسه التفسير وقال أي الرب قد جاء.
وهذه شواهد التفسير فثبت مما ذكرنا أن ترجمة الأسماء أو تبديلها بألفاظ أخر، وكذا إلحاق التفسيرات من جانب أنفسهم، من عاداتهم الجبلية سلفًا وخلفًا، فلا بعد في أن ترجموا اسمًا من أسماء النبي صلى اللّه عليه وسلم أو بدلوه بلفظ آخر، أو زادوا بطريق التفسير أو غير التفسير شيئًا بحيث يخل الاستدلال بحسب الظاهر، ولا شك أن اهتمامهم في هذا الأمر كان زائدًا على الاهتمام الذي كان لهم في مقابلة فرقهم، وما قصروا في التحريف في مقابلتهم على ما عرفت في الباب الثاني من قول هورن: (أن هذا الأمر أيضًا محقق أن بعض التحريفات القصدية صدرت عن الذين كانوا من أهل الديانة والدين، وكانت هذه التحريفات ترجح بعدهم لتؤيد بها مسألة مقبولة أو يدفع بها الاعتراض الوارد، مثلًا ترك قصدًا الآية الثالثة والأربعين من الباب الثاني والعشرين من إنجيل لوقا لأن بعض أهل الديانة ظنوا أن تقوية الملك للرب مناف لألوهيته، وتركت قصدًا في الباب الأول من إنجيل متى، هذه الألفاظ قبل أن يجتمعا في الآية الثامنة عشر، وهذه الألفاظ ابنها البكر في الآية الخامسة والعشرين، لئلا يقع الشك في البكارة الدائمة لمريم عليها السلام، وبدل لفظ اثنتي عشرة بأحد عشر في الآية الخامسة من الباب الخامس عشر من الرسالة الأولى إلى أهل قورنيثوس، لئلا يقع إلزام الكذب على بولس، لأن يهوذا الأسخريوطي كان قد مات قبل وترك بعض الألفاظ في الآية الثانية والثلاثين من الباب الثالث عشر من إنجيل مرقس، ورد هذه الألفاظ بعض المرشدين أيضًا لأنهم تخيلوا أنها مؤيدة لفرقة أيرين وزيد بعض الألفاظ في الآية الخامسة والثلاثين من الباب الأول من إنجيل لوقا في الترجمة السريانية والفارسية والعربية واتهيوبك وغيرها من التراجم، وفي كثير من نقول المرشدين في مقابلة فرقة يؤتى كينس لأنها كانت تنكر أن عيسى فيه صفتان) انتهى كلامه.
فإذا كانت خصلة أهل الدين والديانة ما عرفت، فما ظنك بغير أهل الديانة بل الحق أن التحريف القصدي بالتبديل والزيادة والنقصان من خصالهم كلهم أجمعين، فبعض الإخبارات التي نقلها العلماء الأسلاف من أهل الإسلام مثل الإمام القرطبي وغيره، ولا تجدها موافقة في بعض الألفاظ للتراجم المشهورة الآن، فسببه غالبًا هذا التغير، لأن هؤلاء العلماء من أهل الإسلام نقلوا عن الترجمة العربية التي كانت رائجة في عهدهم، وبعد زمانهم وقع الإصلاح في تلك الترجمة، ويحتمل أن يكون ذاك السبب، اختلاف التراجم، لكن الأول هو المعتمد لأنا نرى أن هذه العادة جارية إلى الآن في تراجمهم ورسائلهم ألا ترى إلى ميزان الحق أن نسخه ثلاث، الأولى النسخة القديمة ورد عليها صاحب الاستفسار، ولما رد عليها وتنبه مصنفها أصلح النسخة القديمة، فزاد في بعض المواضع ونقص في البعض وبدل في البعض، ثم طبع هذه النسخة المصلحة وكتب جواب الاستفسار وسماه بحل الإشكال، ثم كتبت الرد على تلك النسخة الثانية لميزان الحق، ونبهت في كل موضع خالفت فيه هذه النسخة الجديدة للنسخة القديمة، وسميته بمعدل اعوجاج الميزان.
لكن كتابي هذا لم يطبع في الهند لأجل بعض الحوادث، وكتب بعض أحبابي الرد على حل الإشكال في جواب الاستفسار وسماه بالاستبشار، وطبع هذا الرد واشتهر في الهند وفي زمان طبعه واشتهاره كان مؤلف الميزان في الهند، ومضت مدةعشر سنين على طبعه وما كتب المؤلف المذكور في جوابه شيئًا،
وسمعت من بعض الثقات أنه أصلح في المرة الثالثة الميزان الذي طبعه بالتركي وغير في المواضع التي رأى فيها التغير واجبًا، مثل التغير في ابتداء الفصل الثاني من الباب الأول وغيره، ومن رأى الاستفسار ولم تصل إليه النسخة القديمة للميزان، بل وصلت إليه النسخة الثانية أو الثالثة، وأراد أن يصحح نقل صاحب الاستفسار كلام مؤلف الميزان بهاتين النسختين، وجده غير مطابق لهما في بعض المواضع، وكذا من رأى معدل اعوجاج الميزان، ولم تصل إليه النسخة الأولى ولا الثانية بل وصلت إليه النسخة الثالثة التركية، وأراد تصحيح النقل بهذه التركية، وجد في بعض المواضع النقل مطابق لها، فإن لم يكن واقفًا على هذا التغير والإصلاح، يظن أن الراد والناقل أخطأ في النقل، وليس كذلك بل حصل هذا الأمر من تغير المردود عليه وتحريفه والراد والناقل مصيب، فالحاصل أن أمثال هذا الإصلاح والتحريفات جارية في كتبهم وتراجمهم ورسائلهم إلى هذا الحين.
(الأمر الثامن) أن بولس وإن كان عند أهل التثليث في رتبة الحواريين، لكنه غير مقبول عندنا ولا نعده من المؤمنين الصادقين، بل من المنافقين الكذابين ومعلمي الزور والرسل الخداعين، الذين ظهروا بالكثرة بعد عروج المسيح، كما عرفت في الأمر الرابع، وهو خرق الدين المسيحي، وأباح كل محرم لمعتقديه، وكان في ابتداء الأمر مؤذيًا للطبقة الأولى من المسيحيين، جهرًا، لكنه لما رأى أن هذا الإيذاء الجهري لا ينفع نفعًا معتدًا به، دخل على سبيل النفاق في هذه الملة وادعى رسالة المسيح، وأظهر الزهد الظاهري. ففعل في هذا الحجاب ما فعل، وقبله أهل التثليث لأجل زهده الظاهري، ولأجل فراغ ذمتهم عن جميع التكاليف الشرعية. كما قبل أناس كثيرون من المسيحيين في القرن الثاني منتش الذي كان زاهدًا مرتاضًا وادعى أنه هو الفارقليط الموعود به، فقبلوه لأجل زهده ورياضته كما سيجيء ذكره في البشارة الثامنة عشر، ورده المحققون من علماء الإسلام سلفًا وخلفًا.
قال الإمام القرطبي رحمه اللّه في كتابه في حق بولس هذا، مجيبًا لبعض القسيسين في بحث مسألة الصوم هكذا: (قلنا ذلك) أي بولس (هو الذي أفسد عليكم أديانكم وأعمى بصائركم وأذهانكم، ذلك هو الذي غير دين المسيح الصحيح، الذي لم تسمعوا له بخبر ولا وقفتم منه على أثر، هو الذي صرفكم عن القبلة وحلل لكم كل محرم كان في الملة، ولذلك كثرت أحكامه عندكم وتداولتموها بينكم) انتهى كلامه بلفظه. وقال صاحب تخجيل من حرف الإنجيل في الباب التاسع من كتابه، في بيان فضائح النصارى في حق بولس هذا هكذا: (وقد سلبهم بولس هذا من الدين بلطيف خداعه إذ رأى عقولهم قابلة لكل ما يلقى إليها وقد طمس هذا الخبيث رسوم التوراة) انتهى كلامه بلفظه.
وفي المجلد الثاني من فتوح الشام قول مقوقس سلطان مصر في خطاب أركان دولته هكذا: (وقد أضلّكم بولس وأغواكم حين غرّ بكم وبدّل شرعكم وسمّاكم باسم لا يليق بكم، وكيف وقد عاد بكم من الطريق الواضح وأحلّ لكم جميع ما حُرّم عليكم من قبل، وهذا هو عين المحال وداعية العمى أن تتعدّوا ما قال نبيكم، وكيف ينبغي لروح الله عيسى بن مريم أن يكلمكم بما لم يرسله الله إليكم. ثم إنّ بولس قال لكم إنّه أحلّ لكم الخنزير وشرْب الخمر وارتكاب المعاصي ما ظهر منها وما بطن، فأطعتم أمره وصدّقتم قوله، وحاشا المسيح أن يفعل ذلك). انتهى كلامه.
وقال يوقنّا صاحب حلب-وقد كان أسلم- في خطاب بنته ناصحًا لها هكذا: (وإنّما غرّر بالنصارى وحيّدهم عن طريق الحق رجل يقال له بولس، كان من اليهود، أضلّهم عن الطريق المستقيم وشرع لهم الضلال القديم) انتهى كلامه.
وهكذا أقوال علمائنا الآخرين فكلامه عندنا مردود ورسائله المتضمنة بالعهد العتيق كلها واجبة الرد ولا نشتري قوله بحبة خردل فلا أنقل عن أقواله في هذا المسلك شيئًا ولا يكون قوله حجة علينا.
وإذ عرفت هذه الأمور الثمانية أقول أن الإخبارات الواقعة في حق محمد صلى اللّه عليه وسلم توجد كثيرة إلى الآن أيضًا مع وقوع التحريفات في هذه الكتب، ومن عرف أولًا طريق أخبار النبي المتقدم عن النبي المتأخر على ما عرفت في الأمر الثاني، ثم نظر ثانيًا بنظر الإنصاف إلى هذه الإخبارات، وقابلها بالإخبارات التي نقلها الإنجيليون في حق عيسى عليه السلام، وقد عرفت نبذًا منها في الأمر السادس، جزم بأن الإخبارات المحمدية في غاية القوة.
وأنقل في هذا المسلك عن الكتب المعتبرة عند علماء بروتستنت ثماني عشرة بشارة.